"من الحرب إلى البتر".. "مرح خضر" شابة فلسطينية فقدت قدمها ولم تفقد عزيمتها

خاص - حياة واشنطن
تتذكر التفاصيل وكأنها حدثت للتو، تتألم تارة وترضى تارة أخرى، مشاعر متضاربة حقًا لكن يغلبها في النهاية حالة من الأمل ممزوجة بإيمان بقضاء الله وقدره.
"مرح خضر" شابة فلسطينية في العشرينيات من عمرها، بترت قدمها في قصف إسرائيلي غادر، لكن الاحتلال لم يتمكن من كسر عزيمتها، فالأكيد أنها لازالت تحلم بغدٍ يليق بها، مازالت متمسكة حتى بابتسامتها الرقيقة، رغم ما عاشته من أوجاع لا تصفها كلمات ولا يتحملها بشر.
"حياة واشنطن" كانت في ضيافة مرح بمنزلها في العاصمة المصرية القاهرة، بعد خروجها من قطاع غزة للعلاج، لتروي لها تفاصيل اللية العصيبة، ليلة تحطمت فيها جدران منزلها في خانيونس جنوبي قطاع غزة، لتنهض من تحت الركام ويكتب الله لها عمرًا لتكون شاهدة على أهوال وجرائم الإبادة التي ينتهجها جيش الاحتلال بحق أهالي القطاع المحاصر.
بعيون تملؤها الحزن لكنها لا تخفي فرحتها بالنجاة، نظرات مرتبكة من هول ما رأت، إلا أنها تتطلع لنهاية هذا "الكابوس"، تروي مرح لحطة الاستهداف الإسرائيلي لمنزلها في تمام الساعة 4:06 فجرًا، وقبلها بساعة فقط كانت تقرأ القرآن وتسبح لله حتى يطمئن قلبها ويغلبها النعاس، لتستيقظ لاحقًا على صوت الإنفجار، لا تعرف ماذا يحدث وما الذي سوف يحدث.
وتقول مرح: "سمعت صوت الانفجار ولا بعرف شو صار وشو بصير، صحيت أصرخ من وجعي حسيت حالي بحلم مش فاهمة شو بيصير، كان فوقي حجارة وردم ونزلت بالبدرم إلى تحت بيتنا".
وتتحدث مرح عن تلك اللحظة وكأنها حدثت قبل ساعة، قائلة: "ما بنساها طول عمري ولا هقدر أوصفها، الكل حوالي يصرخ، طلعوا إخواني وأخواتي وصحابنا الباقيين من تحت الردم، وآنا بصرخ، طلعوني من تحت الركام، وقتها فوقت وأدركت أنه هاد صاروخ استهدفنا".
الشابة ذات الملامح الهادئة تواصل حكي تفصيل الليلة، ومضت تقول: "غرفتي كانت الغرفة الأكثر تضرراً في البيت.. عشان هيك ما كنت واعية وما كنت فاهمة كلشي حواليا، ما كنت شيفاه ابداً كانوا معي خواتي بنفس الغرفة وصحابنا أطفال، ضليت أصرخ بصوت عال".
وأضافت: "شفت رجلي بعدها، صرخت بصوت أعلى، وأحكي (يابا إلحق رجلي)، أبوي حكالي وقتها الله يعوضك ان شاء الله، وهيني رنيت على الإسعاف طلعوني من واحد لواحد ووصلوني للمشفى.. طول الطريق وأنا أصرخ وبحكي للي كان معي أمانة ما تخليهم يقطعوها وبعدها وصلت المشفى".
واستطردت: "لما وصلت المشفى، وضعوني على الأرض، شافتني أختي الصغيرة وصارت تصرخ على الدكاترة،  وأنا ترجتهم ما يبترو رجلي.. أعطوني منوم، ونمت بعدها ما بعرف شو صار".
واختتمت: "مضى يومين على بتر رجلي، وأنا لا أعرف أنها بترت، كنت أشعر أنها مازالت موجودة، بعد يومين عرفت أنه تم بترها. صرت أصرخ (رجولي رجلي) وضليت أعيط واترجاهم يرجعولي رجلي، وبعدها أعطوني منوم ونمت، ثاني يوم كانوا الممرضين بيغيروا على رجلي لقيتها مبتورة من تحت الركبة، عاودت الصراخ، لكن قلت الحمد لله يا رب، رضيت بقدرك فأرضيني".
"مرح" ابنة العشرين عامًا، أفقدها العدوان قدمها، لكنه لم يفقدها عزيمتها على تحقيق حلمها، إذ تمضي في استكمال دراستها في القانون "افتراضيًا" بجامعة الأقصى، وتتطلع للحصول على منحة دراسية في الخارج.